![]() |
نجاد ونصر الله |
يجب أن لا تدفعنا عواطفنا لمحاولة إلصاق التهم جزافاً بحزب الله من مبدأ العدل و إحقاق الحق ، فلا توجد قرينة واحدة تدل على أن حزب الله أو أي محلل سياسي أو عسكري كان يتوقع مثل هذا الرد العسكري الضخم على عملية الوعد الصادق، والواضح للعيان أن إسرائيل
لن تزج بجيشها في معركة خطيرة كتلك التي دخلتها ـ مع حزب يعتمد في مجابهته لها على (حرب العصابات) بشكل أساسي ـ من اجل جنديين إسرائيليين تم اختطافهما على يد أتباع الحزب، والأرجح أن إسرائيل كانت تعد لخطة عدوانية على لبنان وسنحت لها الفرصة بعد عملية الوعد الصادق، وربما يفسر إصرار أمريكا على تمديد حالة إطلاق النار وإمداد إسرائيل بالصواريخ رغبتها في دخول حرب باردة مع إيران ،وربما كانت عملية كتائب الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ في العراق ـ وهي كتائب شيعية ـ رسالة تذكر أمريكا بأن إيران لا زالت تمتلك ورقة المقاومة الشيعة في العراق التي لم تنخرط في مقاومة المحتل بشكل واضح حتى الآن.
إذاً الحزب ليس عميلاً لا لأمريكا و لا لإسرائيل، وعلينا أن نتجاوز مثل هذه التحليلات الساذجة والعقيمة لأنها تفوت علينا فرصة فهم حقيقة المشروع الإيراني من جهة وتقطع علينا طريق الاستفادة من تقاطع مصالحنا مع مصالح هذا المشروع في ضرب المشروع الصهيوني الذي يشكل أكبر خطر على المنطقة من جهة أخرى.
وقد تم اختيار هذا الوقت المهم جداً لتنفيذ عملية الوعد الصادق والذي أعطى زخماً شعبياً إسلامياً للحزب لأنه جاء بعد عملية (الوهم المتبدد) التي أسرت فيها عدة فصائل فلسطينية مقاومة جندياً إسرائيلياً، وأحد هذه الفصائيل هو الفصيل الجديد (جيش الإسلام) وهو فصيل سلفي جهادي على الأرجح.
هذا الوقت احتدم فيها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مما أعطى إشارة للشعب المسلم على اختلاف مشاربه أن الحزب بعملية الوعد الصادق يسعى لتخفيف الضغط على المقاومة الفلسطينية، وقد حقق الحزب بهذا التوقيت ما كان يصبو إليه، مما يدلنا على دهاء القائمين على هذا الحزب وحنكتهم السياسية، لأنهم استطاعوا أن يحققوا الكثير من الأهداف بسبب التوفيق في اختيار الوقت الملائم للعملية، فقد خففوا بالفعل وطأة الضغط على الفلسطينيين على الأقل سياسياً مما أكسبهم زخماً شعبياً عريضاً، وشرعية أوسع، ومهد الطريق أمام المشروع الإيراني، وغطى على المجازر التي تقوم بها الميليشيات الشيعية في العراق.
كما أن الاختيار الموفق للتوقيت ساهم في تخفيف الضغوط الدولية على كل من سوريا بشأن التحقيق الدولي في اغتيال الحريري، و على إيران بشأن ملفها النووي، أما على الجبهة الداخلية فقد كان رداً عملياً قوياً من شأنه إسكات كل من ينادي بنزع سلاح الحزب، فتمكن الحزب عملياً من التغلب على تجمع (14 آذار) بفضل هذه العملية، والحقيقة أن هدف الحزب المعلن ـ و هو تحرير الأسرى ـ يقبع أيضاً على أجندة الحزب لأن الحقائق تذكر بأن الحزب يهتم كثيراً بأتباعه وجنوده ورعاياه ومناصريه ولا أدل على ذلك من الخدمات المدنية الكبيرة التي قدمها للطائفة في لبنان بعد البؤس الذي كانت تمر به على مدى قرون وأخرجها من حالة التشرذم والتفكك والضعف حتى أوصلها إلى مصاف الوحدة والقوة والشرف، وأولى رعاية خاصة بأسر الشهداء الذين سقطوا في جبهات النزاع مع إسرائيل والجرحى من صفوف الطائفة.
ولا شك أن الحزب حتى الآن لا زال يـُعد الطرف المنتصر في الحرب، لأن الأهداف التي حددتها إسرائيل لعمليتها لم يتحقق منها شيء، ولن يتحقق منها أهمها وهو تدمير الترسانة العسكرية لحزب الله، لأن التأريخ لم يذكر لنا ـ و لو مرة واحدة ـ أن جيشاً نظامياً استطاع أن يتغلب على قوى شعبية مسلحة بشكل جيد وتعتمد (حرب العصابات) وتحظى بشعبية عالية وعمق مناصر في مناطق النزاع، ويبدو أن ضرب البنى التحتية للبنان، والمجازر التي بدأت إسرائيل بتنفيذها ـ كمجزرة قانا الأخيرة وغيرها كثير ـ محاولة لتشكيل جبهة شعبية لمطالبة حزب الله بتسليم الأسيرين وإنهاء حالة الحرب، والعزف على الوتر الرنان بأن حزب الله قد تسبب بشكل أو بآخر في تلك المجازر، ولكن يبدو أيضاً أن تجمع (14 آذار) لا يزال يخشى من أن يتهم بالخيانة لو هاجم حزب الله في الوقت الذي يقاتل فيه إسرائيل، وإن كان الحريري هو الأقرب لمثل هذه التصريحات من جعجع أو جنبلاط ، و هذه قرينة على أن إسرائيل قريباً ستوسع عملياتها وتفتح طرقاً للدبلوماسية، لأنها حتى الآن لازالت تقف عاجزة عن تحقيق أي مكسب سياسي من خلال عملياتها العسكرية .
ولا بد لنا أن نذكر في هذا السياق بأن تحقيق حزب الله لنصر مؤزر على إسرائيل يهدد المنطقة بانتشار المد الشيعي، لأن الفكر المحرك للطرف المنتصر سرعان ما ينتشر كانتشار المد القومي بعد تأميم قناة السويس، أو انتشار المد السلفي الجهادي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أو انتشار المد الليبرالي بعد سقوط بغداد .
وعلى الأرجح فإن إسرائيل سترضخ لمطالب حزب الله ولو بعد حين، ولكن عمليات التدمير الواسعة التي طالت البنى التحتية للدولة وأوقعت الكثير من المجازر ستجعل الحزب يفكر مليون مرة قبل أن يقدم على أسر جنود إسرائيليين في المرة القادمة، خاصة أن إيران ستدفع ثمن إعادة بناء الجنوب اللبناني باهظاً، و لكن لعل الأهداف التي حققتها إيران وحزب الله كانت تستحق قدراً كبيراً من تلك الخسارة المادية..!
درينا يامنصور...والله الشيعه انجس من ذيل الكلب لاتغيب الحقائق...فقد بانت الحقائق
ردحذف